للدكتور/ محمود عبد السميع محمد علي
أستاذ تربية نحل العسل ورئيس مجلس قسم وقاية النبات بكلية الزراعة- جامعة عين شمس
خبير نحل العسل للمنظمة العربية للتنمية الزراعية- جامعة الدول العربية- بوزارة الزراعة- المملكة العربية السعودية سابقاً
الجزء الأول
يختلف تركيب عسل النحل بإختلاف نوع النبات المجموع منه وكذلك الظروف المحيطة به مثل التربة والتسميد والظروف الجوية. وبصفة عامة فإن متوسط تركيب العسل (17.7% ماء، 40.5% فركتوز، 34% جلوكوز، 1.5% سكروز، 1.1% ديكستروز، 1.7% مواد معدنية، 0.1% احماض، 4.5% مواد مختلفة. هذا ويمكن تصنيف عسل النحل وفقاً لنوع النبات إلى عسل سدر، عسل طلح، عسل سلم، عسل سمر، عسل برسيم، عسل حمضيات، عسل قطن كما يوجد أنواع أخرى من العسل مثل عسل الحبة السوداء وعسل البردقوش والتي تنتج بكميات قليلة مقارنة بالأنواع السابقة، كما يمكن تصنيف عسل النحل وفقاً لطريقة إعداده للتسويق إلى عسل مفروز سائل وهو الذي يباع بمجرد فرزه وعسل محبب وهو الناتج من تبلور سكر الجلوكوز خاصة عند إنخفاض درجة الحرارة وعسل قشدي وهو عسل محبب على شكل بلورات صغيرة وعسل أقراص بالشمع والذي تباع بدون فرز ويؤكل بالشمع. ويعتقد الكثيرين ان العسل المحبب (التسكر) هو عسل مغشوش ولكن في الحقيقة ومن المعروف أن كثير من أنواع الأعسال تتحبب، فبعض الأعسال قد يتحبب (يتبلور) بمجرد إنتاجه بينما البعض الآخر قد يستمر سائلاً وبعض الأعسال يتحبب تحبباً متجانساً بينما يترك البعض الآخر جزءاً سائلاً على السطح وبعض الأعسال تكون بلوراتها دقيقة جداً بينما البعض الآخر تكون كبيرة البلورات. كما وجد أن سرعة التحبب تتوقف على نسبة الجلوكوز في العسل إلى نسبة الماء فكلما زادت هذه النسبة عن 2 كلما زادت سرعة التحبب، كما يلاحظ انه لايحدث تحبب للعسل السائل على درجة حرارة أعلى من 25 درجة مئوية وأنسب درجة يتحبب عليها العسل هي 10-18 درجة مئوية والدرجة المثلى لتحبب العسل 14 درجة مئوية ومما يساعد على سرعة تحبب العسل عند إنخفاض درجة الحرارة إحتوائه على فقاعات هوائية عند التعبئة أو جزيئات صلبة مثل حبوب اللقاح وفتات الشمع حيث يؤدي وجود هذه الحبيبات إلى تجمع بلورات الجلوكوز حولها والتي تنفصل من العسل فتزداد أحجامها ولذلك يقوم بعض المنتجين بتصفية العسل تصفية دقيقة تأخير تحبب العسل وهذه طريقة غير دقيقة حيث يؤدي تصفية العسل الجائرة إلى قلة حبوب اللقاح فيه وبالتالي تقل فائدته. ونظراً لعدم إقبال المستهلكين على العسل المتجمد فيقوم بعض التجار بإسالته وإعادة تعبئته بالتسخين وغالباً مايكون التسخين على درجة حرارة مرتفعة لإسراع الإسالة وتلك العملية تفقد العسل كثير من خواصه الطبية لذا يفضل إسالة العسل المحبب بوضع العبوات في ماء دافئ (35-40 درجة مئوية ) مع تقليب العسل بإستمرار لتنصهر كل بلوراته في فترة قصيرة ولاتتلف الإنزيمات وكما سبق لايعتبر العسل المحبب مغشوشاً بل هي صفة طبيعية من صفات العسل ومن المفضل تناول العسل المحبب كما هو وبدون تسخينه. كما يعود التأثير الشافي للعسل الناتج من رحيق الأزهار إلى محتوياته الدقيقة من العناصر المعدنية والفيتامينات والإنزيمات النباتية ومعظم هذه المكونات سريعة التلف بالتسخين وتزداد سرعة تحللها كلما زادت مدة التعرض للحرارة لذا يجب أن يحفظ العسل بعيداً عن الأماكن الحارة وبعيداً عن الهواء والرطوبة في أوعية مملوءة ومحكمة القفل وبعيداً عن الضوء المباشر وذلك للمحافظة على خواصه المضادة للبكتريا ويجب أن تكون عبوات حفظ العسل من الزجاج أو الفخار المصقول أو الصفيح المجلفن وبعض البلاستيك المتعادل ويستبعد العبوات المصنوعة من الزنك والنحاس أو تلك التي تكسب العسل رائحة غريبة ويجب عد تعريض العسل لدرجة حرارة عالية حتى لايفقد الإنزيمات والمواد الفعالة الأخرى.
أما عن غش العسل فيعتبر العسل مغشوشاً إذا زادت فيه نسبة الرطوبة عن 20% والسكروز عن 5% ونسبة الحموضة على 4 درجات والرماد على 0.4% وإذا قلت محتواه من السكريات المختزلة على 70%. ويجب ألا يزيد محتوى العسل من إنزيم هيدروكسي ميثايل الفورفورال عن 40 جزء في المليون (40 ملليجرام لكل 100 جرام عسل) وإنزيم الدياستيز عن 8 وحدات. هذا ويعتبر إنزيم هيدروكسي ميثايل الفورفورال وإنزيم الدياستيز من أهم الإنزيمات الموجودة في العسل وتتلف المادتين بتسخين العسل أو تعرضه للحرارة أو تخزينه لمدة طويلة على درجة 30 درجة مئوية ولذلك ينصح بإتخاذ الإحتياطات اللازمة لمنع إرتفاع الحرارة في مخازن العسل وذلك بوقايتها من حرارة الشمس. ومن ناحية أخرى فإن طرق غش العسل عديدة ومتنوعة منها الغش بإضافة الماء أو النشا أو بسكر القصب (السكروز) أو بالعسل الأسود او بعسل الجلوكوز..الخ ويمكن تقدير نسبة الرطوبة في العسل بسهولة بإستخدام الرفراكتوميتر اليدوي أو الميكروسكوبي أما الكشف عن الغش بالطرق الأخرى فيحتاج بعضها إلى معمل وبعض الأجهزة وخصوصاً الكشف عن سكر السكروز الذي شاع غش العسل به في الآونة الأخيرة. هذا ويجب أن يستعمل العسل المطابق للمواصفات في التغذية أو العلاج أما العسل الغير مطابق فيستعمل للتصنيع أو يضاف للمواد المطبوخة في المنزل وهنا بعض الفوائد العلاجية لعسل النحل الحقيقي الذي جمعه النحل من رحيق الأزهار.
العسل في علاج الجهاز التنفسي:
للعلاج من جفاف الأنف والبلعوم والحنجرة يستخدم محلول العسل بتركيز 10% في جهاز رذاذ الإستنشاق ولعلاج الزكام ونزلات البرد يستخدم العسل ممزوج مع الحليب الدافئ أو عصير الليمون وذلك بعصر نصف ليمونة في 100 جرام عسل نحل أو بمزج فنجان عسل مع ملعقة صغيرة من الزنجبيل وعصير ليمونة واحدة على ان يمزج مزجاً جيداً أو قد يستخدم العسل بمفرده قبل الإفطار. ولعلاج حالات الصدر يستخدم منقوع البصل مع العسل ولطرد البلغم يستخدم عصير الفجل مع العسل ويستخدم نفس المنقوع لمنع تكوين الحوصلات في الكلية والحويصلة المرارية. كما يستخدم مطبوخ الحلبة مع عسل النحل في علاج الجيوب الأنفية والزكام وأوجاع الصدر، كما يفيد مضغ شمع النحل بالعسل في الإسراع من الشفاء ومقاومة الدرن الرئوى وفي هذه الحالة ينصح بإستخدام 100-150 جرام عسل يومياً حيث يؤدي ذلك إلى تحسين الحالة العامة للمريض وزيادة الوزن ونقص السعال وزيادة نسبة الهيموجلوبين.
العسل في علاج الكبد:
لعلاج الكبد يستخدم عصير الليمون مع العسل وزيت الزيتون، كما يفيد عصير الفجل مع العسل في منع تكوين الحصى في الحويصلة المرارية.
العسل في علاج النقرس وآلام المفاصل:
يستخدم خليط من عسل النحل والجبنة القريش (منزوع الدسم) بنسبة (1:1) بمقدار 40-50 جراماً يومياً حيث يعمل الخليط على إخراج حمض البوليك وحمض الفوسفوريك من الجسم وبالتالي يساعد على الوقاية من ترسيب تلك الأحماض في المفاصل والغضاريف مما يمنع الإصابة من النقرس.
تأثير العسل على أمراض الحساسية:
لعلاج أمراض الحساسية يأخذ مقدار ملعقة صغيرة يومياً من عسل النحل الخام الناتج من نفس المنطقة وذلك لإحتوائه على حبوب لقاح التي قد تسب هذه الحساسية في نفس المنطقة.
تأثير العسل على الحروق:
يساعد العسل في تفادى أخطار الحروق خصوصاً إذا تم دهان الجزء المحروق بعسل النحل بعد الإصابة مباشرة. وفي إحدى الحالات التي أصيب فيها مسن 75 سنة بحرق نتيجة سكب ماء يغلى على رجله ففي الحال تم دهان الجزء المحروق بعسل النحل فلم يظهر أي حروق عدا جزء صغير جداً لم يتم دهانه فظهر في شكل فقاعة كبيرة جداً والتي سرعان ماشفيت بعد دهانها بالعسل. كما يستخدم العسل في علاج التضميد الجراحي والجروح المتقيحة وفي تعقيم قبل العمليات الجراحية.
العسل لجمال البشرة:
عرف عن العسل منذ قديم الزمان انه مصدر من مصادر الجمال، حيث استخدم في الماضي محلول للوجه مكون من العسل والحليب، حيث يغذي العسل الجلد ويزيده بياضاً ونعومة ويقيه من الميكروبات. ففي الصين تعمل السيدات عجينة من العسل المخلوط بمسحوق بذور البرتقال لترويق البشرة، وكذلك تعمل عجينة من العسل ومسحوق اللوز وبذور الخوخ أو المشمش لتنعيم الأيدي. كما يستخدم مخلوط من العسل وصفار البيض وزيت اللوز لنفس الغرض. وفي اليابان تستخدم السيدات محاليل يدخل فيها العسل لغسيل الأيدي.
وللتجميل يستخدم المستحضر التالي:
125 جرام عسل مع بضع قطرات من الزيت العطري، 125 جرام عسل يحتوى 3 جرام غذاء ملكي، 125 جرام عسل يحتوى 3 جرام بروبوليس (العكبر). تسكب المحتويات السابقة في وعاء زجاجي وتخلط جيدا بعناية بواسطة ملعقة خشبية حتى تمام التجانس، ثم يضاف إليها ملعقة صغيرة من زيت جنين القمح + ملعقة صغيرة من زيت الزبدية + ملعقة صغيرة من زيت اللوز الحلو وينصح بمزج المستحضر جيداً قبل كل إستعمال. كما يستخدم عسل النحل مع زلال البيض والقشدة الحامضية للمحافظة على صحة الجلد وتقويته وتطريته وحمايته ويصبح الجلد ناعماً ناضراً بدون تجاعيد. وللبشرة الجافة يستخدم قناع العسل مع صفار البيض، حيث يخلط جيداً صفار بيضة واحدة مع ملعقة صغيرة عسل نحل، ثم يوضع بواسطة قطعة قطن على الوجه بعد غسله ويبقى على الوجه لمدة 15-20 دقيقة، ثم يغسل بعدها بالماء. كما يمكن عمل قناع من عسل النحل للبشرة الجافة بإضافة قليل من قشدة اللبن الزبادي إليه، وللبشرة الدهنية بإضافة قطرات من الليمون. ولعمل قناع للتجميل يستخدم خليط مكون من 100 جرام عسل نحل + 25 جرام كحول + 25 جرام ماء، ثم تخلط الكميات السابقة للتجانس. أو يخلط ملعقة صغيرة عسل نحل مع ملعقة صغيرة جلسرين مع صفار بيضة واحدة وتخلط بتجانس.
كريم لتطرية الوجه:
مقدار حوالي واحد من اللانولين أو شمع النحل المسال على حمام بخاري + مقدار واحد من عصير الليمون + نصف مقدار من زيت الزيتون + 2 مقدار من ماء الورد او زهر النارنج+ 3 مقدار من عسل النحل. ولتشقق الشفاة وتشقق الجلد يستعمل دهان من 30 جراماً عسل + 30 جراماً عصير ليمون + 15 جراماً ماء كولونيا. ولعلاج القشف يستخدم كريم لعلاج القشف (تشقق وسواد الجلد): يستخدم عجينة تتكون من ملعقة صغيرة زيت اللوز+ 2 ملعقة صغيرة من عسل النحل+ صفار بيضة واحدة+ بضع نقط من العطر المفضل، تخلط المكونات جيداً حتى نصبح عجينة مناسبة القوام.
ولجمال الشعر
يستخدم العسل بمزجه مع زيت الزيتون بنسبة 1:2 لتدليك الشعر لكي يحتفظ بلونه ولمعته. يترك على الشعر بعد تدليك فروة الرأس لمدة حوالي 20 دقيقة يغسل بعدها الشعر بالشامبو ويجفف.
كما يستخدم العسل في علاج الصداع النصفي
وذلك بتناول كميات كبيرة من العسل والفيتامينات وخاصة فيتامين أ أو بمضغ الشمع بالعسل، وفي حالة الأنيميا يؤخذ نصف كوب من عصير جذور البنجر بعد تحليته بملعقة كبيرة من العسل ثلاث مرات يومياً قبل الأكل، كما يفيد العسل في تنظيم حركة التنفس وخاصة بالنسبة للمصابين بأمراض الصدر، كما أن له تأثيراً ملطفاً في حالات الجفاف وصعوبة البلع والسعال، كما يزيد في إفرازات الفم واللعاب وله تأثير ملين ويحمى من الإصابة بفقر الدم. كما يستخدم العسل في علاج أمراض الجفون والملتحمة وتقرح القرنية وبلغت نسبة نجاح أمراض العيون بالعسل 85%. ولتأخير الشيخوخة يستخدم عجينة العسل مع الخميرة بنسبة 1:1 أو 1:2 ويستعمل 50-70 جرام من تلك العجينة يومياً.
وكما سبق يعتقد الكثيرين على ممر العصور أن الشراب المختلف ألوانه الذي فيه شفاء للناس والذي جاء ذكره في القرآن الكريم هو عسل النحل فقط، ولكن ثبت حديثاً بالتجارب العلمية أن النحل يخرج سوائل أخرى بالإضافة للعسل وفيها شفاء للناس، فما هو المقصود ب "بُطُونِهَا" فكم للنحلة من بطن؟ وكذلك ماهو المقصود بقوله تعالى " شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ" فما هي الشرابات الأخرى المختلفة ألوانها وفيها شفاء للناس؟ كما ورد في سورة النحل آية (68، 69) هذا ماسوف نعرفه في المقالة القادمة.
دكتور/ محمود عبد السميع محمد علي
أستاذ تربية نحل العسل ورئيس مجلس قسم وقاية النبات بكلية الزراعة- جامعة عين شمس
خبير نحل العسل للمنظمة العربية للتنمية الزراعية- جامعة الدول العربية- بوزارة الزراعة- المملكة العربية السعودية سابقاً
E-mail: mahmoudali@agr.asu.edu.eg
Cell-Phone: 01008132873